الديوان » العصر الاسلامي » علي بن الحسين » ليس الغريب غريب الشام واليمن

عدد الابيات : 49

طباعة

لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّامِ واليمنِ

إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ

إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتهِ

على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ

لا تَنْهَرَنَّ غَريباً حَالَ غُربتهِ

الدَّهْرُ يَنْهَرَهُ بالذُّلِ و المِحَنِ

سَفْرِي بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني

وَقُوَتي ضَعُفَتْ والموتُ يَطلُبُني

وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها

الله يَعْلَمُها في السِّرِ والعَلَنِ

ما أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني

وقَدْ تَمادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي

تَمُرُّ ساعاتُ أَيّامي بِلا نَدَمٍ

ولا بُكاءٍ وَلاخَوْفٍ ولا حزَنِ

أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً

عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُني

يَا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَـتْ

يا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني

دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدُبُها

وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيرِ وَالحَزَنِ

دَعْ عَنْكَ عَذْلِيَ يَا مَنْ كانَ يَعْذُلُني

لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ ما بِي كُنْتَ تَعْذِرُنِي

دَعْنِي أَسُحُّ دُموعًا لا انْقِطاعَ لَها

فَهَلْ عَسَى عَبْرَةٌ مِنْهَا تُخَلِّصُني

كَأَنَّنِي بَينَ جل الأَهلِ مُنطَرِحاً

عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُني

وَ قَدْ تَجَمَّعَ حَوْلي مَنْ يَنوحُ و مَنْ

يَبْكي عَلَيَّ و يَنْعاني و يَنْدُبُني

وَ قَدْ أَتَوْا بِطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني

وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هذا اليومَ يَنْفَعُني

واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها

مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ

واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها

وصارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني

وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا

بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ

وَقامَ مَنْ كانَ حِبُّ النّاسِ في عَجَلٍ

نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتيني يُغَسِّلُني

وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً

حُراً أَديبًا أَريباً عَارِفاً فَطِنِ

فَجاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني

مِنَ الثِّيابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني

وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً

وَصارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يُنْظِفُني

وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني

غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ

وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لها

وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَني

وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فَوا أَسَفاً

عَلى رَحِيلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُني

وَحَمَّلوني على الأْكتافِ أَربَعَةٌ

مِنَ الرِّجالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني

وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا

خَلْفَ الإِمامِ فَصَلَّى ثُمَّ وَدَّعَني

صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لها

ولا سُجودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُني

وَأَنْزَلوني إلى قَبري على مَهَلٍ

وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهم يُلَحِّدُني

وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني

وَأَسْكب الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني

فَقامَ مُحتَرِماً بِالعَزْمِ مُشْتَمِلاً

وَصَفَّفَ اللَّبْنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَني

وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا

حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ

في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هناك ولا

أَبٌ شَفيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني

فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يا أَسَفاً

عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُني

وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ

مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني

مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ ما أَقولُ لهم

قَدْ هالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني

وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهمُ

مَالِي سِوَاكَ إِلهي مَنْ يُخَلِّصُنِي

فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يا أَمَلي

فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهنِ

تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا     

وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني

واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لها بَدَلي

وَحَكَّمَتْهُ على الأَمْوَالِ والسَّكَنِ

وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَه

وَصَارَ مَالي لهم حلاً بِلا ثَمَنِ

فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيا وَزِينَتُها

وانْظُرْ إلى فِعْلِها بالأَهْلِ والوَطَنِ

وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها

هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ

خُذِ القَناعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها

لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ

يَا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً

يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ

يا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي

فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني

يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً

عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ

والحمدُ لله مُمسينَـا وَمُصْبِحِنَ

مَا وَضَّأ البَرْقُ في شَّامٍ وفي يَمَنِ

ثمَّ الصلاةُ على الْمُختارِ سَيِّدِنا

بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


اللَّحدِ

اللحد : الشَّقُّ‌ الذي يَكونُ‌ في عُرْضِ‌ القَبْرِ مَوْضِع المَيتِ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


والسَّكَنِ

السَّكْنُ : أَهْلُ الدارِ وسُكَّانُها.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


لا تَنْهَرَنَّ

﴿فَلَا تَنْهَرْ﴾: لا تَزْجُرْ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


المِحَنِ

ما يُمتحَن بهِ الانسان من بليَّةٍ (جمع): مِحَنٌ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


وَزادي

الطَّعَامُ‌ الذي يُتَّخَذُ للسَّفَرِ و الحَضَرِ

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


أَنُوحُ

بَكَى أو تحسَّر و تأوّه جَزَعًا و حُزْنًا

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


أَسُحُّ

سحَّ: سال و انصبَّ غزيراً

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها

تَغَرْغُرُ العَيْنِ : اِمْتِلاَءُ الدَّمْعِ فِيهَا دُونَ انْسِيَابِهِ. فهنا يقول : اُسُتُخْرِجَت روحي في تغرغر لا تعلم أتخرج أم تظل بجسمي (في تردد).

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


غَرْغَرَني

تغرغر بالماء: غرْغَر؛ ردَّده في حلقه فلا يمجّه ولا يسيغه يتغرغر كلَّ صباح بدواءٍ للفَمِ

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


الإِياسِ

يقول في المُغرب في ترتيب المعرب : يُقال: (يَئِس) منه و ( أَيسَ ) و ( أَيأسَهُ ) غيره و ( آيَسَه ) و ( الإياسُ ) بمعنى اليأس .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


شِرَا

جاء في لسان العرب : قال ابن الأَعرابي: الشراء ، ممدودٌ و يُقْصَر فيقال الشرا.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


حَذِقاً

حَذَقَ فی العمل : أَوْغَلَ‌ فى ممارسته حتَّى مَهَرَ فيه. فهو حاذق.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


أَريباً

شَابٌّ أَرِيبٌ : مَاهِرٌ، عَاقِلٌ

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


خَرِيرُ الماءِ

خرير الماء: صوت الماء

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


حَنُوطِي

الحنوط : طِيب يُخلط للميت خاصّة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهنِ

١- مُوثَق: مُقيَّد،مَغْلول ٢- يقال «كلّ امرىءٍ بالموت مُرتَهَن»اي كل انسان مقيَّد بالموت.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حسينُ


معلومات عن علي بن الحسين

avatar

علي بن الحسين حساب موثق

العصر الاسلامي

poet-Ali-ibn-Husayn@

8

قصيدة

1

الاقتباسات

921

متابعين

علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي القرشي، أبو الحسن، الملقب بزين العابدين. رابع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، وأحد من كان يضرب بهم المثل في الحلم والورع. يقال ...

المزيد عن علي بن الحسين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة